الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد فقد كان طوفان الأقصى الذي تم في السابع من اكتوبر آية من آيات الله ، انتصرت فيه القلة المؤمنة على الكثرة الكافرة ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) لقد وقف العالم الغربي في صف واحد ، يمد العدو الصهيوني بالمال والسلاح والمناصرة ، ويدافع عن ظلم العدو وبغيه وطغيانه .
لقد توقعوا أن الفئة المؤمنة القليلة سيتم القضاء عليها في غضون أيام ، أليست قلة محاصرة في عدة كيلومترات ؟ أليست كل أجهزة التجسس العالمية بيد العدو ومع العدو ؟
ولكن مضت الأيام والشهور والقلة المؤمنة صامدة ، تُوقِعُ بالعدو أبلغ الخسائر : تنصب له الكمائن ، وتفخخ المنازل ، وتدمر الدبابات ، والجرافات ، وتفجر الآليات ، هذه القلة المحاصرة من الجو والبر والبحر من أين لها هذا السلاح المتطور ؟ومن أين لها هذه الصواريخ التي تصل إلى أعماق الأرض المحتلة ؟ وكيف يتم التصنيع وقد قطع العدو الكهرباء والماء ؟وحارب العدو غزة بالتجويع والتعطيش ومنع الإمداد ؟
إنها ءاية من آيات الله وكرامة من كراماته التي يمُن بها على أوليائه تُذكِّر المسلمين بما قرأوا عن كرامات الصالحين وعن نصر الله للمجاهدين . وإذاكان الشيخ عبد الله عزام كتب آيات الرحمن في جهاد الأفغان فبإمكاننا أن نكتب آيات العلام في جهاد القسام
ما الدروس والعبر التي يمكن أن نستفيدها من معركة طوفان الأقصى ؟ لقد غيرت هذه المعركة العالم ، وصححت كثيرا من التصورات ، وفضحت أكاذيب العدو ، ونبَّهت كثيرا من المخدوعين بالإعلام الخاضع لسيطرة العدو ، وكشفت زيف القيم الغربية ،وأظهرت المنافقين على حقيقتهم .وأحدثت ثورة في الجامعات الغربية وانقلابا في مفاهيم الشباب في الغرب
1. لقد بينت معركة طوفان الأقصى أن بإمكان المسلمين -مهما كان ضعفهم ومهما حوصروا أن يُعِدوا القوة – وأن يُصنِّعوا الأسلحة وأن ينتجوا ما يحتاجون إليه في الجهاد . فإذا كانت القلة المحاصرة في الأنفاق أنتجت ذلك كله أفلا تستطيع دول مفتوحة على العالم كله أن تقوم بشيء من ذلك ؟
2. وبينت معركة طوفان الأقصى أن أول إعداد ينبغي أن نقوم به هو إعداد الرجال ورب رجل كألف ، ورب رجل واحد ترتعد منه فرائص العدو . لقد رأينا هؤلاء الرجال الذين يتسابقون إلى الموت ويتقدمون في ثبات وهم يتلون ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) إن الإيمان بالله ، والتوكل عليه ، والثقة بوعده ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والالتزام باتباع القرآن الكريم والسنة النبوية ، إن هذا الإيمان جعل هذه القلة المؤمنة نموذجا فريدا يُذكِّـــر بالجيل الأول ” مثَلُ أمتي مثلُ المطر لا يُدْرى أولُه خيرٌ أم آخره . ”
3. لقد حاول الأعداء أن يجعلونا ننسى أن عندنا إخوانا مظلومين مشردين (أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) وأن عندنا أرضا محتلة تعاني من أفظع أنواع الاحتلال تعاني من محتلين (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) ووصل هؤلاء الأعداء بنا إلى مرحلةٍ دعونا فيها إلى اعتبار هذا الكيان الغاصب المجرم دولةً ينبغي التعامل معها باحترام ،كأنها ما سفكت دما ، وما غصبت أرضا ، وما شردت شعبا ، وما دمرت مدنا ، وما دنَّستْ المسجد الأقصى ، فجاء طوفان الأقصى ليجعل هذه القضية تتصدر عناوين الأخبار العالمية ، وليبدأ العالم يتذكر أنه لا يزال هناك احتلال في هذا العالم الذي يثرثر بالحرية ، وأن هذا الاحتلال لا بد أن يزول ، وبدأ المنافقون الدوليون يتطرقون إلى هذا الموضوع بعد أن كانوا اطمأنوا إلى غيابه في غيابات النسيان.
4. بعد أن كان هذا العدو يتباهى بقوته ويَعتبر جيشه من الجيوش الأقوى في العالم ، وأن لدى أفراده أعظم أنواع الخبرة والتدريب والتأهيل والاستعداد ، هذا الجيش انهار في لحظات أمام القلة المؤمنة صباح السابع من اكتوبر (وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤوها وكان الله على كل شيء قديرا ) وقد تم كل ذلك في ساعات ، في حين كانت تكنولوجيا الاستشعار مشلولة لاتحس ، عمياء لا تبصر ، صماء لا تسمع ، وقد تركهم المجاهدون يتلاومون إلى هذا اليوم : من الجبانُ المُهْمِل الذي تسبب في هذه الكارثة ؟ من المسؤول عن هذه الفضيحة التي شاهدها العالم ؟ ثم لما قرروا المواجهة كانوا كما قال الله عز وجل (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) فإذا واجهوا المجاهدين ولوا الأدبار . لقد تبين أن أفراد هذا الجيش من ورق وأنهم لم يلتحقوا بهذا الجيش ليقاتلوا وإنما ليحصلوا على الامتيازات ، وأن هذا الجيش –زاده الله جبنا ورعبا وذلاوتفككا وانهزاما-لا يهزم إلا المنهزمين ولا يخيف إلا المنافقين .
5. فضح طوفان الأقصى (دول الغرب) وكشف زيف أخلاقهم ، ونفاق قوانينهم ، وزور ( إنسانيتهم ) فقد كانوا يحدثون العالم عن حقوق النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين ، وعن ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) وعن (القانون الدولي الإنساني ) وعن (اتفاقية جنيف ) وكان موظفو الأمم المتحدة –وهم جيش عرمرم-يجوبون العالم يتحدثون عن ذلك ، فلما بدأ العدوان على غزة دفن ذلك كله في رمال غزة . لقد شاهد العالم على الشاشات قتل آلاف الأطفال ، وآلاف النساء ، وآلاف المدنيين ، وتدمير المستشفيات ، وقصف المؤسسات التعليمية ، والاعتداء على المساجد ، وتجريف المقابر ، والقضاء على المزارع ، (ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ) ومع ذلك ظل العالم يتفرج كأنه لا يرى ولايسمع ، بل كانت قائدة العالم الغربي ترفض إيقاف الحرب !! هل يستطيعون بعد العدوان على غزة أن يحدثونا عن حقوق النساء والأطفال والشيوخ ؟ هل يستطيعون أن يفتحوا معنا بعد اليوم موضوع حقوق الإنسان (ألا لعنة الله على الظالمين )
4 دقائق