النص العربي أخطأ في ترجمة ” la veille” التي من معانيها (يوم قبل) إلى ” العشية ” التي ليس في العربية استخدام بذلك المعنى ؛ حيث” العشية ” من اليوم: نهايته أو من صلاة المغرب حتى العتمة وفى أوسع معانيها من زوال الشمس حتى طلوع الفجر. وأما ” الساعة صفر” من اليوم فلها نفس الاستخدام في اللغتين؛ فهى بدايته، لكنه متعلق باليوم .
لذلك وفى جميع الأحوال، وفضلا عن غياب أي ذكر ل ” الصمت الانتخابي”، لا تترك نسبة ” العشية ” و” الساعة صفر” ليوم الاقتراع مجالا لنسبة أي منهما، ولو شططا، ليوم غيره.
نفس الصيغة هي التي أوردت (المادة 6) من المرسوم رقم :2012-278 الصادر بتاريخ :17 ديسمبر 2012 المحدد لإجراءات سير الحملة الانتخابية وعمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية:” تفتتح الحملة الانتخابية 15 يوما قبل الاقتراع وتختتم عشيته عند الساعة صفر”.
حظر الدعاية الانتخابية “الصمت ” ورد صراحة في (المادة 9) من نفس المرسوم مع الإبقاء دائما على استخدام عبارة “العشية ” ، ولكنه بدل عبارة ” منتصف الليل ” استعمل “الساعة صفر”؛ فقد نصت هذه المادة على:” يحظر اعتبارا من منتصف الليل عشية الاقتراع نشر أو استخدام أي وسيلة كانت لنشر أية دعاية انتخابية “.
ذكرت المادة “الصمت”، لكن جمع “الليل والعشية ” في أمر يتعلق بالاقتراع، الذى يسبقه ليل ويعقبه، فلكيا، ليل آخر، لكنه هو في حد ذاته (الاقتراع) يظل في الحقيقة يوما لا ليل له؛ لأنه يبدأ من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، ما يجعل إضافة أي “منتصف أو عشية” لليل له غير متسق مع المقصود من معنى.
تلافى مرسوم استدعاء هيأة الناخبين الصادر بتاريخ: 16-04-2019 نسبة “الليل” ليوم الاقتراع؛ حين حدد ساعة وسمى يوم اختتام الحملة؛ بأن نص في (المادة 2) منه على:” تفتتح الحملة الانتخابية يوم الجمعة 14 يونيو 2024 عند الساعة صفر وتختتم يوم الجمعة 27 يونيو 2024 عند منتصف الليل “.
جعل المرسوم الحملة الانتخابية أربعة عشر (14) يوما على خلاف مذهب المرسوم المحدد لإجراءات سير الحملة الانتخابية وعمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية الذى هو النص الذى تحدث عن منع يرتب الصمت. وكذلك على خلاف القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، الذي تحدث هو الآخر عن خمسة عشر(15) يوما قبل الاقتراع تفتتح فيها الحملة وتختتم.
بالمحصلة لم يشر القانون النظامي لمنع مرتب للحديث عن “صمت انتخابي”. على ذلك سار المرسوم المحدد لسير الحملة الانتخابية في (مادته 6). أما في مادته الوحيدة التي ذكر فيها ما يفيد بوجوب صمت (المادة 9) فتعترض التسليم بها أساسا قانونيا له أن المعنى المعجمي “لمنتصف الليل عشية الاقتراع ” لا يمكن صرفه للدلالة على يوم وليلة قبل يوم الاقتراع!
فوق ما تقدم يتناقض مع المنطق الليبرالي الصرف تعليق حرية الكلمة والتعبير بمناسبة استحقاق يمكن من التعبير!
كما أنه موضوعيا ولاستحالة المساءلة عن كل خرق لحظر الدعاية من أفراد طبيعيين وجهات مجهولة أحيانا، على كثرتهم، يكون في توقيع جزاءات بحق المؤسسات والهيئات القابلة للحصر وذات المحل المتأثر بما يمكن أن يوقع بحقها بمناسبة انتهاك الصمت، إخلال بالحق في المساواة وبمبادئ الإنصاف.
من ناحية ثانية يلغى السماح أو التسامح مع ما يتم من دعاية يوم الاقتراع نفسه؛ من نقل واستضافة وتوجيه للناخبين من كافة الفرقاء وأمام كل القائمين عليه، أي مبرر لمنع الدعاية قبل يوم الاقتراع أحرى عقابها.
الأهم من كل ذلك ما استقر عليه جانب من الاجتهاد القضائي، يتصدره مذهب المحكمة الفدرالية الأمريكية الذى اعتمدته منذ قضية (بورسون ضد افريمان -Burson v. Freeman, 504 U.S. 191 (1992) )،وقضت بموجبه بعدم دستورية فرض الصمت الانتخابي .والسماح بالدعاية حتى في يوم الاقتراع، مع حصر الحظر إن كان ولابد فى محيط ضيق يوفر حرما لمكاتب التصويت.ĺ
2 دقائق