
الأخبار (نواكشوط) – أظهر التعاطي السنغالي مع تسرب الغاز من حقل السلحفاة المشترك مع موريتانيا، اهتماما واسعا من مختلف الأطراف ذات الصلة بالحادث وتداعياته، سواء من القطاعات الحكومية والإعلام الرسمي أو النقابات ومنظمات المجتمع المدني، على العكس من موريتانيا التي وقع الحادث في مياهها الإقليمية.
وإلى جانب المطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التسرب وتداعياته، واللغة الصارمة في ذلك، كان لافتا إجماع مختلف الأطراف على المطالبة بكشف حقيقة الحادث الذي وقع يوم 19 فبراير الماضي في البئر A02.
بيان وزاري مشترك
وأصدرت وزارتا الطاقة والبترول والمعادن، والبيئة والانتقال الإيكولوجي السنغاليتين، بيانا مشتركا حول الحادث، طالبت فيه الدولة السنغالية بإلزام شركة BP بتعبئة كل الوسائل اللازمة للحد من التأثيرات المحتملة لتسرب الغاز.
وشدد البيان على أن دور شركة BP هو تعبئة الوسائل التقنية المطلوبة من أجل الحد أو حتى تجنب أي تأثير لتسرب الغاز على النظام البيئي، داعيا إلى إيجاد حل سريع ودائم لهذا الحادث.
ووفق البيان فإن الحادث وقع في بئر لم يتم تشغيله بعد، يقع على بعد 120 كيلومترا قبالة الساحل، مشيرا إلى أن الفرق الفنية للوزارتين على تواصل مع الشركة التي حددت الحلول الممكنة لإصلاح التسرب في أسرع وقت ممكن.
وأشار الوزارتان السنغاليتان إلى أنهما تقومان بمراقبة متعددة الأبعاد للمنطقة لتقييم ورصد تأثير الحادث قدر الإمكان، وأن الإدارتين الموريتانية والسنغالية تواصلان مراقبة تطورات الحادث عن كثب.
أما وزارة الطاقة الموريتانية فلم تعلق على الحادث إلى بعد نحو أسبوع، وبعد نشر وكالة الأخبار المستقلة له، وطلبها تصريحا من الوزارة عليه، وبعد أسبوعين على الحادث أصدرت بيانا أكدت فيه استمرار تصدير الغاز بشكل طبيعي، منوهة باكتمال تحميل المعدات التنقية اللازمة لإصلاح التسرب على متن سفينة من ميناء نواكشوط لنقلها إلى موقع التسرب.
فيما اكتفت وزارة البيئة والتنمية المستدامة في موريتانيا بتدوينة مقتضبة على فيسبوك في وقت متأخر من ليل 25/26 فبراير، أعلنت فيها عن فتح تحقيق معمق بهدف احتواء الوضع والحد من أي آثار بيئية محتملة.
الإعلام الرسمي يسائل
وكالة الأنباء الرسمية في السنغال تابعت الحادث عن كثب، وقدمت للرأي العام السنغالي معلومات عن الحادث الذي يأتي بعد أقل من شهرين على بدء تشغيل مشروع الغاز المشترك بين البلدين.
وضمن تغطيتها للحادث، وجهت وكالة الأنباء السنغالية أسئلة إلى شركة BP حول الأسباب والتداعيات المحتملة والإجراءات المتبعة للتغلب عليه.
وردت الشركة بتقييمها للتأثير المتوقع للتسرب، حيث وصفته بأنه ضئيل، وليس له أي تأثير فوري على أنشطة الإنتاج الجارية للآبار الأخرى.
وتضمنت ردود الشركة على وكالة الأنباء السنغالية، الحديث عن وضع خطة لوقف التسرب وحشد المعدات والكوادر المتخصصة.
وشكلت هذه الردود إلى جانب التصريحات الرسمية، إثراء وتنوعا للمحتوى الإعلامي الذي قدمته وكالة الأنباء الرسمية في السنغال حول الحادث.
في حين لم تتطرق وكالة الأنباء الرسمية في موريتانيا للحادث إلا بعد أسبوعين، وبمناسبة صدور بيان عن وزارة النفط والطاقة، وعنونته بجزئية التأكيد على استمرار الإنتاج الوارد في بيان الوزارة النفط، وتجنبت إحراج شركة BP فلم توجه إليها أي سؤال.
نقابات ومنظمات تحذر
التعاطي مع الحادث في السنغال شمل أيضا منظمات المجتمع المدني والنقابات التي حذرت من تداعياته البيئية المحتملة، ودعت إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات، في الوقت الذي تجاهلت منظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية في موريتانيا حادث التسرب.
فقد دعت مؤسسة LEGS-Africa وهي مؤسسة بحثية يقع مقرها في داكار، إلى مواجهة الجمهور بالحقائق حول التسرب وأسبابه وتأثيراته المحتملة.
وأكدت المنظمة ضرورة نشر المعلومات لإنارة الرأي العام، خصوصا ما يتعلق منها بسلامة السكان المحليين وحالة النظم البيئية البحرية.
فيما دعت جمعية الصيادين الحرفيين في سان لويس إلى إجراء تحقيق مستقل في تسرب الغاز وتداعياته على الأنشطة البحرية وسكان المناطق الساحلية.
وبدأت التسرب يوم 19 فبراير الماضي، وتكتمت شركة BP البريطانية عليه، وكذا السلطات الرسمية، قبل أن تكشفه الأخبار يوم 25 فبراير المنصرم.
وفي يوم 26 فبراير وصلت طائرة شحن عملاقة إلى مطار نواكشوط الدولي وهي تحمل معدات لإصلاح التسرب، وتم نقل هذه المعدات إلى ميناء نواكشوط الدولي، ليتم تحميلها أمس الجمعة على متن سفينة في طريقها إلى موقع التسرب.