تعيش بلدية القديد -غرب ولاية الجلفة في الجزائر-، حالة من الدهشة والذهول إثر عثور سكانها أمس الاثنين، على شاب اختفى في ظروف غامضة نهاية تسعينيات القرن الماضي حين كان عمره نحو 16 عاما.
وقالت النيابة العامة اليوم الثلاثاء 14 مايو/أيار، في بيان إنها “تلقت شكوى مساء 12 مايو/أيار 2024 من شقيق شخص مفقود منذ قرابة 30 عاما يدعى (ب. ع) في منزل جارهم المدعو (ع.ب) ببلدية القديد داخل زريبة أغنام”.
وأضاف البيان، “إثر هذا البلاغ أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة الإدريسية مصالح الدرك الوطني بفتح تحقيق معمّق وانتقال عناصر الضبطية القضائيّة إلى المنزل المذكور، وفعلا تم العثور على الشخص المفقود المدعو (ب.ع) وتوقيف المشتبه فيه مالك المسكن البالغ من العمر 61 سنة”.
وأمرت النيابة الجهات المختصة بتقديم الدعم النفسي والطبي للضحية المدعو بن عمران عمر، على أن يتم تقديم المشتبه فيه أمام النيابة فور انتهاء التحقيق.
وتداول ناشطون مقطعا صادما للحظة العثور على الضحية في حفرة تشبه القبر مغطاة بالتبن، لافتين إلى أنه كان في حالة صدمة ولم يقدر على الكلام.
الكلب وراء اكتشاف مكان المختفي
وتحدثت صحف محلية عن العثور على الشاب المختفي “بصحة جيدة بعد 26 عاما من الاختفاء”، مشيرة إلى أن كلب الضحية كان وراء كشف مكان اختفائه.
وأكدت الصحف أن الكلب “كان لا يفارق باب (الجاني)”، لكن السكان لاحظوا اختفاءه نحو أسبوعين، قبل أن يعثروا عليه ميتا، ما قادهم للتحقيق في الموضوع.
صحيفة “الخبر” الجزائرية، نقلت عن بعض الأقارب والجيران أن السكان تداولوا أخبارا “يقال إن مرجعها منشور على صفحات التواصل الاجتماعي من شخص مقرب من مختطفه يؤكد أن الشاب المختفي على قيد الحياة وبصحة جيدة”.
وأضافت أن الخاطف “موظف ويعيش بمفرده في بيته لم يتزوج ويمشي وحيدا وقد أخفاه طيلة هذه المدة (…) وحين راجت هذه الأخبار بدأت أسرته في البحث عنه وبدأت تستحضر بعض الأدلة حين غاب منذ سنوات، حيث كان للضحية كلب يرافقه دائما، ظل ملتصقا بالبيت الذي تم احتجازه فيه طيلة هذه المدة لأنه كان يشم رائحة صاحبه وفجأة اختفى الكلب هو الآخر”.
وبحسب ما أكد أقارب الضحية والجيران للصحيفة، فإن “الكلب هو الذي دل على وجوده لأنه كان ملتصقا بباب المنزل الذي كان مختطفا فيه، لكن الجاني تفطن للكلب فقام بوضع السم له ليوجد الكلب ميتا في وقت لاحق”.
وأضافوا أن الجاني قد خبأ الشاب المختطف “بإحكام وسط أكوام من ربطات التبن ووضع عليه بابا من الخشب، وحين دخلت القوات مع أقاربه وجيرانه وتفرقوا مع الغرف فلم يجدوه سأله أحدهم عن كومة التبن، فأجاب بأنها لأغنامه لكن اتجه إليها الجميع والبحث فيها فإذا بالمفاجأة أن الضحية تحت هذه الأكوام”.
وفسر بعض الأقارب سر عدم سرعة الوصول لمكان الضحية طيلة هذه السنوات بقولهم “حينها تم البحث عنه في كل مكان، والكل وقتها كان يتصور أنه اغتيل أو قتل بحكم الظروف الأمنية التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك، حتى إن والدته توفيت حسرة عليه”.
وفور العثور عليه أكد الشاب المختفي أنه “كان يتابع كل شيء من وراء النافذة، وحين يحاول الخروج لا يقدر على أن يتجاوز مساحة معينة من السكن وكأنه مربوط بها لا يتجاوزها، وحتى إذا حاول أن ينادي لا يستطيع”.
وأشار إلى أنه “كان يتابع كل الأخبار ويعرف بأن أمه توفيت وكل الأحداث بالبلدية وخارجها حتى الكورونا وضحاياها، مما يدل وفق البعض على أنه تعرض لسحر وشعوذة”، وفق الصحيفة.
وتجمع سكان المدينة الذين لم يناموا طوال الليل أمام مقر فرقة الدرك الوطني من رؤية الفقيد الغائب منذ ربع قرن ورؤية الجاني الذي كان يعمل حارسا ببلدية “القديد”.
واعتبر أحد أقارب الضحية ما حدث “معجزة إلهية تتحقق”، قائلا لصحيفة “الخبر” إن والد الشاب “مريض طريح الفراش والإخوة والأخوات لم يكونوا يتوقعون أنهم سيجدون ابنهم بعد كل هذه المدة. أما والدة الضحية التي فارقت الحياة منذ سنوات، فكانت تؤكد لهم بأن ابنها موجود غير بعيد عنها بل وأحيانا تشير إلى البيت الذي يوجد فيه الابن وهو على بعد نحو 60 مترا من بيتها”.