يمثل القرار الذي اتخذه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تزكية عدة مترشحين منافسين للانتخابات الرئاسية المزمعة في 29 يونيو 2024 تجسيدًا عمليًا للانفتاح الديمقراطي وتغليب المصلحة الوطنية على تعزيز حظوظه الشخصية. في وقت يمكن للرئيس وأغلبيته الحاكمة أن يختاروا عدم تزكية أي مرشح منافس لضمان زيادة فرص النجاح لبرنامجه الشخصي، اختار الرئيس مسارًا مختلفًا يُعزز الديمقراطية ويُثري الحياة السياسية في البلاد.
حق الرئيس وأغلبيته: ومن حق الرئيس وأغلبيته الحاكمة قانونيًا وسياسيًا عدم تزكية أي مرشح منافس، حيث تُعتبر الأحزاب والائتلافات جزءًا أساسيًا من اللعبة السياسية. يمكن للرئيس أن يركز على تعزيز مشروعه وبرنامجه الانتخابي وتكريس جهوده للفوز بفترة رئاسية جديدة، ولكن هذا الخيار قد يثير لدى البعض التساؤلات حول مدى التزامه بالمبادئ الديمقراطية وشفافية العملية الانتخابية.
تعزيز الديمقراطية: اختار الرئيس مسار الانفتاح وتعزيز الديمقراطية من خلال تزكية مرشحين منافسين، وهو قرار يعكس فهمًا عميقًا لضرورة مشاركة جميع الأطياف السياسية في العملية الديمقراطية. هذا الانفتاح ليس فقط تعبيرًا عن احترام التعددية السياسية، بل هو أيضًا خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الثقة بين الأطراف السياسية والنظام السياسي ككل. من خلال هذا النهج، يؤكد الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني أن الديمقراطية لا تقتصر على الانتخابات بل تشمل أيضًا تعزيز الحوار الوطني والمشاركة الفعالة من مختلف الأطياف.
تغليب المصلحة الوطنية: يأتي قرار الرئيس الغزواني في سياق رؤية استراتيجية بدأت بتحقيق التهدئة السياسية غير المسبوقة في البلاد وتهدف إلى تحقيق المصلحة الوطنية والاستقرار السياسي. بتزكية مرشحين منافسين، يساهم الرئيس وأغلبيته في خلق بيئة انتخابية تنافسية تعزز من ثقة المواطنين في العملية الانتخابية وتقلل من فرص التوترات السياسية. هذا النهج يبعث برسالة قوية أن استقرار موريتانيا ووحدتها يتطلبان تعاون الجميع وتضافر الجهود لتحقيق التنمية المستدامة.
تأثير القرار على الحظوظ الشخصية: قد يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تضحية بحظوظ النجاح للمشروع الشخصي للرئيس، لكنها في الواقع تعكس نظرة بعيدة المدى تتجاوز الحسابات الضيقة للفوز بالانتخابات. بفتح المجال أمام المنافسين، يعزز الغزواني من شرعية العملية الانتخابية ويؤسس لأرضية صلبة لبناء ديمقراطية حقيقية ومستدامة. هذا النهج سيعزز لا شك من ثقة الناخبين في مشروعه ورؤيته للبلج وسيكون له تأثير إيجابي في تجديد الثقة في نظامه، كما لا شك أنه سيكسبه احترامًا ومصداقية كبيرة على الصعيدين الوطني والدولي، ويعزز من مكانته كقائد وطني يسعى لتحقيق المصلحة العليا للبلد.
والخلاصة أن قرار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بتزكية عدة مرشحين منافسين في الانتخابات الرئاسية يمثل نموذجًا للقيادة الحكيمة التي تغلب المصلحة الوطنية على الاعتبارات الشخصية. في حين كان من حقه وأغلبيته الحاكمة عدم تزكية أي منافس، اختار الرئيس مسار الانفتاح الديمقراطي، مما يعزز من ثقة المواطنين في العملية السياسية ويؤكد على التزامه الحقيقي ببناء دولة ديمقراطية تتسع للجميع. هذا النهج يعكس رؤية استراتيجية عميقة لمستقبل موريتانيا، ويؤسس لنموذج يحتذى به في القيادة السياسية.