بات من الضروري -ونحن نعيش في زخم موسم خريف جيد ومبارك بإذن الله تعالى – أن نناقش ضرورة تشجيع السياحة الداخلية بدل الذهاب إلى الخارج في رحلة مكلفة لعدة اعتبارات؛ فهي من جهة تتطلب أموالا وفيرة، والحصول عليها ينهك المحفظة الأسرية ويخلف فيها هفوة مالية يصعب تسويتها وإعادة ترتيب شأنها بشكل سريع على الأقل، ونحن بكل تأكيد في غنى عن مثل هذا الانتهاك الغير مبرر.
ومن جهة أخرى فهي تترك أثرا قويا على محفظة المخزون الاستراتيجي من العملة الصعبة، وهذا بدوره يشكل خطرا ماثلا على المستوى الوطني لكون ذلك المخزون هو الضامن الذي من خلاله نوفر المؤن ونغذي الأسواق من المواد الاستهلاكية، ويجب ألا يتناقص بأي فعل كان وأن يظل في ازدياد مطرد.
والواجب الوطني يفرض علينا وضع هذا البعد المصيري في عين الاعتبار وألا يغيب عن أذهاننا إطلاقا.
وثمة اعتبار ثالث له من الواجهة والقبول ما يملي علينا استحضاره دوما، ففي الداخل الأهل والأقارب وهذا رحم وقد أوصي الله بصلة الرحم وأكد عليها وكذا أكدت عليها السنة وفي ذلك خير عميم. ومع هذا فإن السياحة الداخلية لها انعكاساتها الاقتصادية التي هي بدورها مطلب مبتغى وأساسي حيث ما كنت ستنفقه في الخارج ليعود على غيرك بالنفع وينقص من ميزانيتك ومخزون بلدك من العملة الصعبة أنفقته على وجه الخير لينفع ذوي الأرحام، والأقربون أولى بالمعروف، فتكون قد فعلت خيرا مرتين فأنت وصلت الأرحام وساهمت في دفع الحركة الاقتصادية الجهوية وأي عمل أكثر نفعا وفائدة دنيوية وأخروية من هذا؟
لهذا نحن بحاجة إلى الدفع والإلحاح والتأكيد على هذا المضمون لكونه بينا وواضحا وضوح الشمس في رابعة النهار.
والعاقل الحذق الذي يعي مصالحه ومصالح بلده لن يفوته أن في الأمر واجب وفعل خير ولذا فلن يتردد في الانخراط في هذا المنطق ليجني ما يتولد منه من منافع جمة من بينها فضلا على ما ذكر إتاحة فرصة لأبنائه للتعرف على بيئتهم الاجتماعية وتعزيز الارتباط بها، وتلك مزية عز مطلبها وبورك لطالبها.
حمود أحمدسالم محمد راره