الاخبارالمواضيع الرئيسية

تعهد صناديق التمويل العربية بملياري دولار لموريتانيا: فرصة تاريخية للتنمية ومسؤولية استراتيجية

شكل تعهد صناديق التمويل العربية بتخصيص ملياري دولار لدعم مشاريع التنمية في موريتانيا، خلال الطاولة المستديرة “فيينا 2025” التي نظمها صندوق أوبك للتنمية الدولية، محطة هامة في تعزيز الشراكة التنموية بين موريتانيا والدول العربية. هذا التمويل لا يُعتبر فقط قيمة مالية، بل يعكس أيضًا توقيته ودلالته على الثقة المتزايدة في التوجهات الاقتصادية والإصلاحات التي شهدتها موريتانيا في السنوات الأخيرة.

ويُعد هذا التمويل فرصة كبيرة لتعجيل وتيرة النمو وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني. لكنه يحمل في طياته أيضًا مسؤولية كبيرة حول كيفية تخصيص هذه الموارد بشكل حكيم لضمان أثر مستدام على حياة المواطنين وتحسين أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية.

من وجهة نظر الكاتب، فإن ضخ ملياري دولار في اقتصاد مثل موريتانيا قد يساهم في رفع معدلات النمو السنوي بشكل ملحوظ، شريطة أن يُوجه هذا التمويل نحو قطاعات ذات مردودية عالية مثل الزراعة، المياه، الطاقة، البنية التحتية، والصناعات التحويلية. هذه القطاعات تعتبر محورية في تعزيز الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى تعزيز السيادة الاقتصادية.

لكن لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا التمويل، من الضروري إعادة النظر في البرنامج التنموي الاستعجالي بما يتماشى مع احتياجات المواطنين الفعلية، وليس مجرد توازنات ظرفية أو اعتبارات جهوية. المطلوب هو مقاربات عملية ترتكز على الميدان وتستهدف المناطق المهمشة التي عانت من نقص التنمية على مر العقود.

الرهان الأكبر لا يكمن في توفير الموارد، بل في كيفية تحويلها إلى مشاريع حقيقية ذات أثر ملموس. وهذا يتطلب حوكمة رشيدة، صرامة في إدارة المشاريع، وربط الإنفاق بنتائج قابلة للقياس، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية والنشر الدوري للمعلومات.

من المهم أن يتم توجيه الجزء الأكبر من هذه الموارد إلى المناطق الداخلية التي عانت من تهميش طويل. فتعزيز البنية التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية، ودعم الاستثمار العام في هذه المناطق، سيكون له دور حاسم في تقليص الفوارق الجهوية وتحقيق العدالة التنموية.

وفي الختام، تعتبر هذه اللحظة بمثابة فرصة تاريخية لموريتانيا، وإذا لم تُستغل بشكل صحيح، فقد تؤدي إلى تكرار نفس الإشكاليات التنموية السابقة. السؤال اليوم ليس عن حجم التمويل، بل عن كيفية توجيه هذه الأموال بما يعود بالفائدة على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى