مقالات

المجالس الجهوية: إنجازات متحققة تبرر الطموحات المرتفعة / عبدالله ولد الشيخ المعلوم

رغم حداثة نشأتها (2018)، فقد أصبحت المجالس الجهوية في موريتانيا مؤخرًا جهات فاعلة رئيسية في نسيج الإدارة اللامركزية، حيث تلعب دورًا حاسمًا في الحوكمة المحلية. فهي تعمل كمنصات للتنسيق من أجل تحسين استخدام الموارد الإقليمية وتجسد نهجا تشاركيا للممارسة التنموية الجهوية. في هذا المقال، أردت تسليط الضوء على بعض الإنجازات البارزة وتقديم توصيات تهدف إلى تطوير المجالس الإقليمية وتحسين سياقها اللامركزي، مساهمة في دعم تجربة إدارتنا التشاركية.
إنجازات هامة في مسار تطوير اللامركزية
شهدت السنوات الأخيرة خطوات هامة لتعزيز سياسة اللامركزية بشكل عام والمجالس الجهوية بشكل خاص تظهر. ويظهر ذلك بوضوح في التصريحات المتكررة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ الغزواني، المؤكدة لاعتبار اللامركزية أحد ركائز التنمية وخياراً لا رجعة فيه، معبرين عن قناعة عميقة بأهميتها في تأسيس أسس تنمية شاملة وتقريب الخدمات العامة من المواطنين أينما كانوا.
ومن بين الخطوات الرئيسية المسجلة في هذا المجال، خاصة بالمجالس الجهوية أو داعمة لعملية اللامركزية بشكل عام، نذكر:
–    إنشاءُ مجلسٍ وطني للامركزية والتنمية المحلية.
–     وضعُ استراتيجية وطنية للامركزية والتنمية المحلية.
–     بناء مقرات للمجالس الجهوية
–     تزويد المجالس الجهوية بميزانيات للاستثمار ومنحها تبويبا مستقلا في الميزانية العامة للدولة.
–     إنشاءِ لجانٍ جهويةٍ ومقاطعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
–     أنشاء لجان جهوية للصفقات العمومية.
–    ـ ابرام اتفاقيات تمويل ضخمة مع وزارة الزراعة و هيأة تآزر.
–    إنشاء 19 بلدية جديدة تحسينا للحوكمة المحلية وتقريبا للخدمات العامة من المواطنين.
–    إنشاء علاوة جديدة لعمد البلديات ) 20,000 أوقية جديدة ( و منحهم تأمينا صحيا لدي الصندوق الوطني للتأمين الصحي (CNAM).
–    زيادة مخصصات الصندوق الجهوي للتنمية (FRD) بنسبة 22٪، ليصل إلى 450,000,000 أوقية موريتانية في عام 2024.
–    إنشاء برنامج إدارة النفايات الصلبة لتستفيد منه 209 بلدية بغلاف مالي قدره 243,000,000 أوقية جديدة عن السنة الجارية 2024.
–    إشراك السلطات المحلية في تصور وتنفيذ استراتيجية النمو السريع والازدهار المشترك (SCAPP).

توصيات من أجل دعم مسار تطوير المجالس الجهوية في موريتانيا
على الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه، لا يزال هناك طريق طويل لتمكين المجالس الجهوية من لعب دورها بالكفاءة والفعالية المطلوبتين. ويتطلب تطوير المجالس الجهوية في موريتانيا نهجاً شاملاً ومنسقاً، يشمل إصلاحات تشريعية ومؤسسية ومالية.
فيما يلي بعض التوصيات لتعزيز هذه الكيانات وتحقيق أقصى قدر من الفعالية:
1.    تعزيز القدرات المالية

زيادة ميزانيات التشغيل والاستثمار:
•     تعزيز ميزانيات التشغيل لتمكين هذه المجالس من جذب وتوظيف الكفاءات التقنية العالية اللازمة للعمل بفعالية وتصميم وتنفيذ برامج التنمية.
•     زيادة ميزانيات الاستثمار وإعادة هيكلتها على أساس البرامج والأهداف والحصيلة.
الاستقلالية المالية:
•    تطوير أنظمة فعالة للضرائب المحلية لتنويع الموارد المالية للمجالس الجهوية.
•    إنشاء آليات تمكن المجالس الجهوية من توليد موارد ذاتية من خلال الأنشطة الاقتصادية المحلية والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
2.    تعزيز القدرات الإدارية

التدريب والتوظيف:
•    تزويد المجالس الجهوية بنظام وظيفة عمومية جهوية خاص بها.
•    تقديم برامج تدريب مستمر لموظفي المجالس الجهوية لتطوير مهاراتهم في الإدارة والتخطيط وتنفيذ المشاريع.
•    توظيف خبراء تقنيين وإداريين لدعم المجالس الجهوية في مهامها.
نقل الكفاءات:
•    تسريع نقل بعض الكفاءات الإدارية من الوزارات المركزية إلى المجالس الجهوية، وخاصة في قطاعات التعليم والصحة.
•    نقل المخصصات المالية والوسائل المرتبطة بالاختصاصات المحولة لتمكين المجالس الجهوية من الوفاء بمسؤولياتها، حيث أن العديد من بالاختصاصات المحولة لم تشهد بعد نقل مخصصاتها المالية من ميزانيات الوزارات المعنية.
3.    تعزيز الإطار المؤسسي والقانوني

الإطار التشريعي:
•    صياغة واعتماد قوانين تنظم الممتلكات العقارية للمجالس الجهوية، مما يمكنها من امتلاك وإدارة ممتلكاتها العامة والخاصة.
•    القيام بدراسة وإعداد إطار قانوني وتنظيمي للمؤسسات والوكالات والبرامج والمشاريع الجهوية.
الحوكمة والشفافية:
•    إنشاء هيئات رقابية جهوية وإنشاء و تفعيل فروع محاكم الحسابات.
•    اعتماد وتنفيذ نظام وطني للأداء والحوكمة والاستدامة والصلابة المالية للهيئات المحلية.
4.    تعزيز التنسيق والتعاون

التنسيق بين المؤسسات:
•    إنشاء منصات تنسيق بين المجالس الجهوية والمجموعات المحلية والوزارات والوكالات الوطنية والشركاء الدوليين.
•    إعادة هيكلة الوزارات بحيث تتحول الإدارات المركزية المتعلقة بالتنمية إلى إدارات إقليمية تابعة للمجالس الجهوية وموجهة نحو تنفيذ خطط التنمية الجهوية.
الشراكات والتعاون:
•    تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية لتعبئة موارد إضافية ومشاركة أفضل الممارسات.
•    تسهيل تبادل المهارات والخبرات بين المجالس الجهوية من خلال الشبكات الجهوية والوطنية.
5.    المشاركة المواطنية والتنمية المحلية

مشاركة المواطنين:
•    تشجيع مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع المحلية من خلال تنظيم مشاورات عامة وتعزيز آليات التغذية الراجعة.
•    تشجيع المبادرات المحلية والمجتمعية لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى القاعدة.
الخاتمة:
و تبقي اللامركزية المنهج العصري الوحيد لإعادة إحياء و تفعيل إدارة مركزية هي في أمس الحاجة إلى تجديد الأنظمة و البنى و المناهج.  و لا شك في أن التنمية المحلية و التقدم الاقتصادي هما أهم ضمانات الوحدة الوطنية و أقوى مرتكزاتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى