«كنتُ جالسا في مكتبي بالرئاسة، صبيحة يوم 16 مارس 1981، حين سمعتُ فجأة صوت الرصاص يعلو في أرجاء القصر، ولم يطل الأمد، حتى دخل أعضاء فرقة الكوماندوز، مكتبي؛ بعد أن قتلوا عدة جنود، لتصبح أفواه مسدساتهم موجهةً نحوي، كان الموت قريبا حينها، لكن أحد القادة أمر جنده بتركي وشأني.. لقد أنقذ حياتي».
كانت تلك إحدى أصعب اللحظات التي عايشها غابرييل حتي، المعروف بـ”غابو”، المسيحي المشرقي، الذي استطاع أن يندمج في مجتمع يغلب عليه الطابع الإسلامي؛ خلال تعاقبه على عدة مناصب إدارية في موريتانيا، ولكنها ليست اللحظة الوحيدة التي نجى فيها من موت محقق.
من هوّ غابرييل؟
في منزله الهادئ، الذي شيّده والده قبل ستين عاما، في قلب العاصمة نواكشوط، كان يجلس غابرييل ليحكي قصة أسرته المهاجرة، من لبنان، إلى أعماق الشرق الموريتاني؛ قائلا: « اللبنانيون كما تعلمون شعب جوّال، وكذلك كانت أسرتي »، ثم يسترسل، « وصل والدي إلى داكار عام 1920، وعند وصوله التقى موريتانيين قادوه إلى سانت لويس التي أقام بها عشر سنين قبل أن يستقر مع ابنة عمه في مدينة بوغى شرقي موريتانيا ».