
وُلد المرحوم عبد الرحمن الملقب دَيب بن الشين سنة 1937 في مدينة النوارة المالية، قرب مدينة عدل بكرو الموريتانية في منطقة معروفة بثرائها الثقافي والديني، وبموقعها الحدودي الذي ساهم في تشكيل شخصيته القيادية منذ نعومة أظافره
بدأ مشواره العلمي في سن مبكرة، حيث التحق سنة 1949 بـ مدرسة أبناء الزعماء بالحوض الشرقي، وهي مؤسسة أنشأها المستعمر الفرنسي آنذاك، وكانت مخصصة حصريًا لأبناء الزعامات التقليدية، ما يعكس المكانة الاجتماعية لأسرة المرحوم في تلك الحقبة و في عام 1954، انتقل إلى إعدادية روصو، إحدى أبرز المؤسسات التعليمية في البلاد حينها، حيث واصل تعليمه بنجاح وتخرج منها معلّمًا سنة 1958. ثم انتقل للتدريس بمدينة أطار سنة 1959 ما مهّد لانطلاق مسيرته المهنية والسياسية.
مع بزوغ فجر الاستقلال، انطلقت مسيرته السياسية سنة 1960، حيث تولى منصب الأمين العام لحزب الشعب بمدينة النعمة، ثم نُقل إلى مقاطعة آمرج كأمين عام ومدير لمدرستها سنة 1962. لاحقًا في نفس العام، أصبح الفيدرال الجهوي للحزب بالحوض الشرقي، وانتُخب نائبًا في البرلمان، وهو المنصب الذي شغله حتى سنة 1975، مشكّلاً بذلك أحد أبرز الوجوه البرلمانية في أولى مراحل بناء الدولة الوطنية.
بعد تجربته التشريعية، دخل في المجال الإداري حيث عُيّن حاكمًا لمدينة نواذيبو، ثم روصو، قبل أن ينقل سنة 1980 إلى مدينة كيفة كحاكمٍ لها، وهي من بين أهم مدن الداخل الموريتاني.
في سنة 1983، عُيّن قنصلًا لموريتانيا بدولة غامبيا، وظل في هذا المنصب حتى سنة 1986، حيث مثّل البلاد بجدارة في المحافل الإقليمية والدبلوماسية. وبعد عودته، تولّى منصب مستشار برئاسة الجمهورية، ما مكّنه من الإسهام في صنع القرار الوطني خلال فترة حرجة من تاريخ موريتانيا.
مع تغيير الدستور وفتح باب التعددية الحزبية سنة 1992، عاد المرحوم عبد الرحمن دَيب بن الشين إلى الواجهة السياسية بقوة، حيث انتُخب نائبًا في البرلمان وظل في هذا المنصب حتى سنة 2013، ما يجعله من النواب الأطول خدمةً في تاريخ المؤسسة التشريعية الموريتانية.
تميّزت حياة المرحوم بالحكمة والبساطة، وكان مثالًا في الوطنية والانخراط في خدمة بلده في مختلف المواقع التي شغلها، سواء في التعليم أو السياسة أو الإدارة أو الدبلوماسية.
رحم الله الزعيم والإداري عبد الرحمن دَيب بن الشين، فقد كان رجل دولة بامتياز، ترك بصمةً خالدة في مسيرة بناء الدولة الموريتانية الحديثة، وسيظل اسمه حاضرًا في الذاكرة الوطنية.
شبكة عدل بگرو الإعلامية