عند كل انتخابات أو احتجاجات تضطر الحكومة الموریتانیة إلى غلق أو قطع الانترنت عن
الھواتف حتى لا تتفاقم الأوضاع الأمنیة في البلاد إلى الأسوأ، وخلال السنوات الأربع الأخیرة
تم قطع الانترنت عدة مرات وبمتوسط مرتین على الأقل خلال كل سنة.
ویعتبر الحدیث عن رقابة الدولة للقطاع الرقمي في موریتانیا وبسط سیطرتھا الرقمیة أمرا
ضروریا وملحا في ظل عالم یتجھ نحو رقمنة جمیع القطاعات والخدمات المالیة والحكومیة،
وإن المتطلع على الوضعیة الإقلیمیة والدولیة وما أصبحت تلعبھ الشبكة العنكبوتیة من أھمیة
بالغة وخطورة جسیمة في الآن ذاتھ یجعل من دور الدولة في وضع و إنشاء ھیئات وسلطات
رقابیة قادرة علي حمایة أمن الدولة المعلوماتي من أي تھدید خارجي وداخلي في وجھ
الھجمات الالكترونیة والاختراقات الشبكیة وأیضا حمایة البیانات المالیة والشخصیة للمواطنین
الموریتانیین في وجھ أي استغلال قد یضرھم ویضع معلوماتھم في خطر في ظل الانتشار
الواسع للتطبیقات البنكیة وإتاحة للمواطنین إصدار حالتھم المدنیة من خلال تطبیق ھویتي
التابع السجل الوطني للسكان.
ومن أجل مراعاة البیئة التكنولوجیة المتغیرة باستمرار وما یحیط بھا أیضا من تھدیدات
ومخاطر فإن وجود ھیئة وطنیة حكومیة متخصصة وفعالة في أمن نظم المعلومات والاتصال
أصبح أمرا ملحا ومن خلالھا تحفظ الدولة سیادتھا الرقمیة وتحمي خصوصیاتھا وبیاناتھا ذات
الطابع الخاص وبیانات الموطنین ذات الطابع المدني.
ولجعل ھذا الأمر أقرب في الواقع وأبسط للمتلقي فقد وضعت مقاربة وطنیة شاملة وعامة
تحت عنوان الإستراتیجیة الوطنیة للأمن الرقمي 2020ـ 2030شملت جمیع المناحيوالقطاعات الحكومیة، سنت لھا القوانین التشریعیة اللازمة المتعلقة بالأمن الوطني السیبراني
ولتصبح توجیھات وطنیة متعلقة بأمن نظم المعلومات والاتصال في جمیع القطاعات في البلاد
ولكن لم توضع لھذه التوجیھات أداة تقییم لمعرفة مدى الامتثال لھا إلى حد الساعة.
ولكن ما زالت الوكالة الوطنیة للأمن السیبراني مجرد مشروع لم یرى النور بعد في ظل
التھدیدات السیبرانیة المتزایدة، ویلعب دوره المھم والمتمثل في حمایة أمن الدولة الرقمي، من
خلال حجب المواقع الضارة وفرض سیادة الدولة في المجال الرقمي، ولتساھم الوكالة في خلق
بیئة رقمیة آمنة ومستقرة، یظل التعاون المستمر بین الوكالة والجھات الأخرى، سواء على
ً المستوى الوطني أو الدولي، ضروریا لتحقیق ھذه الأھداف وضمان استمراریة الأمان
السیبراني.
وفي ھذا الإطار تجدر الإشارة لبعض التجارب الناجحة في ھذا المجال لدى بعض الدول
الصدیقة كالھیئة الوطنیة للأمن الإلكتروني في دولة الإمارات العربیة المتحدة التي تعمل على
وضع السیاسات والتشریعات المتعلقة بالأمن السیبراني وتراقب وتدیر الحوادث السیبرانیة
لحمایة البنیة التحتیة الوطنیة وتقوم أیضا بتوعیة المواطنین والمقیمین وتوفیر التدریب
للمتخصصین في الأمن السیبراني، والمدیریة العامة لأمن نظم المعلومات في المملكة المغربیة
التي تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الوطني وتضع السیاسات والإجراءات لحمایة البنیة
التحتیة الرقمیة للبلاد وتقوم بالتعاون مع الجھات الحكومیة والخاصة لتعزیز الأمن السیبراني
الوطني.
فمن خلال تأسیس ھیئة وطنیة متخصصة، تضع الدولة سیاساتھا وإجراءاتھا الفعالة لحمایة
نظم المعلومات والاتصال، وتراقب التھدیدات السیبرانیة، وتوفر التوعیة والتدریب اللازمین،
ً وتتعاون محلی ً ا ودولیا لتعزیز الأمن السیبراني، مما یساھم في حمایة الخصوصیة وتأمین البنیة
التحتیة الإلكترونیة الوطنیة.
2 دقائق