أعربت مجموعة من الأطر والخبراء والفاعلين الحقوقيين عن قلقها تجاه ما اعتبرته “اختلالات اجتماعية” من شأنها التأثير على الوحدة الوطنية في موريتانيا وزيادة حجم تفاقم التحديات التي يواجهها البلد.
وأشاد المعنيون، في رسالة مفتوحة موجهة إلى رئيس الجمهورية؛ محمد ولد الشيخ الغزواني، تلقت وكالة “موريتانيا اليوم” نسخة منها، بكون هذا كان أول من نبهَ الى تلك الاختلالات باعتباره “الحامي الأول لمصلحة الشعب الموريتاني والداعم الأساسي لمسيرته التنموية والسياسيـة”.
ونحن اذ نلحظُ أن خُطبكم وتصريحاتكم الرسمية واهتماماتكم الشخصية تميزتْ بالتركيــز على مبدأي تعزيز اللحمة الوطنية والاعتراف بالتنوع الثقافي والاجتماعي في البلاد.
وأكد موقعو الرسالة المفتوحة أن موريتانيا، “باتت بحاجة أكثـر إلى تكاتف جهود جميـعِ القوى والمُكونات الاجتماعية والمؤسسات الوطنية العـامة والخاصـة بُغيـة تحقيــق اللحمة بين مكونات الشعبِ، وتعزيز مكانة بلادنا في العالم.”؛ مقدمين جملة من الاقتراحات والتدابير من أجل ضمان رفع تلك التحديات:
نص الرسالة:
لنُوقف معًا الاتجاهات الرجعية الهدامـة” رسالــة مفتوحة الـى فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،
تحية طيبة وبعد؛
نحن مجموعة من المواطنين الموريتانيين، نود في هذه الرسالة أن نعبّر عن قلقنا البالغ إزاء بعض الاختلالات الاجتماعية التي تؤثر على وحدتنا الوطنية وتزيد من تفاقم التحديات التي تواجه وطننا الحبيب. إننا نعتبر أن فخامتكـم أول من نبهَ الى هــذه المخاوفْ وذلك باعتباركم الحامي الأول لمصلحة الشعب الموريتاني والداعم الأساسي لمسيرته التنموية والسياسيـة، ونحن اذ نلحظُ أن خُطبكم وتصريحاتكم الرسمية واهتماماتكم الشخصية تميزتْ بالتركيــز على مبدأي تعزيز اللحمة الوطنية والاعتراف بالتنوع الثقافي والاجتماعي في البلاد. ونحن إذ نُثمـن هـذا الاتجـاه الإيجابي في حياة الجمهوريةالإسلاميـة الموريتانية فإننا نُؤكـد على أنـها في الوقت الراهن باتت بحاجة أكثـر إلى تكاتف جهود جميـعِالقوى والمُكونات الاجتماعية والمؤسسات الوطنية العـامة والخاصـة بُغيـة تحقيــق اللحمة بين مكونات الشعبِ، وتعزيز مكانة بلادنا في العالم.
أولاً: الاختلالات الاجتماعية والثقافية المتزايدة
لقد أشرتم في خرجاتكم السابقة الـى الجهود الأسطورية التي بذلها الإنسان الموريتاني في سبيل قهر طبيعة الصحراء القاسيـة ليضمن سبل عيشهٍ مُشتـرك وكريم، كما نبهتم غير ما مرة إلى ما رافـق ذلك مـن “رواسبِالظُـلم والنظرة النمطيـة الزائفة” والتي تُصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، ولقد لُوحظ مع مرور الوقت والتجربة الميدانية أن هذه الاختلالات الاجتماعية والثقافية يزيدُ تصاعدها ضمن العديد من الظواهر الاجتماعية الأخـرى التي تتضافر لتُؤثر سلبًا على استقرار المجتمع وتماسكه، ما يَستـدعي لفتَ انتبـاهَ الجِهات الحكومية والقضائيـة والتشريعية للانخــراط دون إرجاء في جهود الإصلاح الذي يَضمنُ لمواطنينا الحرية والمعاش الكريم.
وقد تكون رسالتنا هذه بمثابـة نـداء للإجماع على تصحيح المظالم وللوقوف في وجـه الرؤى الكلاسيكية والعتيقة والتي اثبت الواقعُ فشلها في تقــديم خيارات إصلاحية بديلة وهـو ما ساهـم في اتسـاع حجم قضايا موريتانيا الجوهرية (العبُودية والتمييز والتغول على الدولة وحدود الحرية والمشاركة) وغيـرها من المسائل التي تضربُ اللحمة الوطنية وتشـوهُ مؤسسات الدولة الموريتانية، وبدون الشـروع في التطبيق الصارم للقانون والنظام طبقا للمصلحة الوطنية فإن مظاهر سلبية عديدة ستواصل التفشي الشامل بسبب غياب الأنموذج والقدرة المؤسسة على توفيـرِ العدالة وتكافؤ الفرص للجميع، دونَاستثـناءٍ.
ومالم نُصحح الوجهة فإن بلادنا التي ترزحُ منذ العام 2022 ضمن تصنيف مُـؤشـر التنمية البشرية الصـادر عن الأمم المتحدة ضمن فئـة “التنمية البشرية المُنخفضة”، والذي خرجت منه عديد البلدان وبقينا نحن عالقين بسبب غياب أي تفكير نقدي أو إصلاحي جاد، وفي هذا السياق فإن مزيدا من الظواهر المقلقة يزيدُ شيوعها، ومنها على سبيل الذكـر:
1. تفشي الفقر في العديد من المناطق والجهات، وهو ما يؤدي إلى زيادة الهوة بين الطبقات الاجتماعية ويزيد من اللاعدالة المجالية.
2. تفاوت الفرص والهـوة بين مُختلف الفئات الاجتماعية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والعمل، وهـو ما جعل مُجتمعات عريضة كلَحْرَاطينْ ولمْعَلِمينْ عُرضة لغياب العدالة الاجتماعية.
3. غياب الرؤيـة النقدية للسرديات التاريخية والثقافية المتداولة والتي تتجه للأدلجة مما يهدد التاريخ الشفاهي للمجموعات المُهمشة ويلغي وجودها ضمن التاريخ المشترك بين الموريتانيين، ويُفـاقـم من معاناتها المستمرة.