أقرت الحكومة الموريتانية، اليوم الأربعاء، مشروع مرسوم جديد يُلغي ويحل محل المرسوم السابق المنظم للتمثيلية النقابية، منهية بذلك حالة الجمود التي طبعت هذا الملف طيلة أكثر من عشرين عامًا.
ويأتي هذا القرار بعد مطالب متكررة من الحركة العمالية في البلاد، التي طالبت بإلحاح بتنظيم المجال النقابي على أسس شفافة تسمح بفرز النقابات الأكثر تمثيلًا، بما يعزز الشفافية ويمنح الشرعية للعمل النقابي.
وقد بدأ مسار التمثيلية النقابية في موريتانيا عام 2004، بعد إدراج بنود خاصة بها في قانون العمل، غير أن تنفيذ تلك البنود ظل معلقًا. وفي عام 2008، وُقّع اتفاق ثلاثي بين الحكومة واتحاد أرباب العمل والمركزيات النقابية، بحضور منظمة العمل الدولية، لتنظيم انتخابات مهنية، لكن الأحداث السياسية – وعلى رأسها الانقلاب العسكري – عطلت تنفيذ الاتفاق.
لاحقًا، أصدرت الحكومة مرسومًا تنظيميًا في 2014 (رقم 156/2014)، قوبل برفض واسع من معظم المركزيات النقابية التي رأت فيه تراجعًا عن روح اتفاق 2008. وتوالت بعد ذلك الاجتماعات والورشات، من بينها ورشة عام 2017 التي أعادت التأكيد على ضرورة تنظيم انتخابات نزيهة، وورشتان في عامي 2021 و2022، ركزت الأخيرة منهما على توزيع الدعم العمومي دون إحراز تقدم في مسار الانتخابات.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، طغت الخلافات بين المركزيات النقابية، خاصة حول ثلاث نقاط أساسية:
أولًا، طبيعة الانتخابات؛ بين من يطالب بإجرائها بشكل مباشر، وآخرين يرون ضرورة أن تكون غير مباشرة عبر مندوبي العمال.
ثانيًا، هوية الأطراف المشاركة في الانتخابات؛ هل هي النقابات المهنية فقط أم تشمل المركزيات النقابية؟ وقد حُسم هذا الخلاف مؤخرًا بتعديل المادة 120 من مدونة الشغل، لصالح النقابات المهنية.
ثالثًا، ما إذا كان التمثيل ينبغي أن يُحتسب بأثر رجعي على ضوء الانتخابات السابقة، أم من خلال موعد انتخابي وطني موحد.
وفي 29 مايو الماضي، ترأس الوزير الأول اجتماعًا للجنة الوزارية المعنية بملف التمثيلية النقابية، حيث تمت مناقشة التقرير الفني المُعد بهذا الخصوص. وأسفر الاجتماع عن اعتماد خارطة طريق جديدة، وصفتها الوزارة الأولى بأنها نتاج مسار تشاوري واسع بين الجهات الحكومية والشركاء الاجتماعيين، وتهدف إلى تنظيم انتخابات مهنية شفافة، تعيد ترتيب المشهد النقابي بناءً على التمثيل الحقيقي.
