مقالات

حتى لا يخدعوكم سيدي الرئيس/ النهاه ولد أحمدو

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي الرئيس ، إننا في ولاية لعصابه ،و بعد أن تأكد أنكم ستقومون إن شاء الله بزيارتنا على غرار مختلف ولايات الوطن، نعقد كثير الآمال على هذه الزيارة ، حيث أن الأوضاع المتردية التي يعيشها سكان هذه الولاية على كل الأصعدة ، جعلت وقوفكم عليها شخصيا ، أمرا مُلحا و مطلبا مُجمَعا عليه .

سيدي الرئيس ، إنني كمواطن من ولاية لعصابه ، ومن مدينة كيفه بالخصوص. احرص كل الحرص على أن أوجه إليكم خطابي هذا ، لكشف بعض الحقائق و طرح بعض التساؤلات و المشاكل و توجيه بعض الملتمسات ، وكلي ثقة و أمل بأن هذا الخطاب سيحظى لديكم بما يستحقه من عناية واهتمام.

سيدي الرئيس — إنني وأنا المتعود على ما يسبق هذا النوع من الزيارات : من أبواق دعايةٍ للأنظمة، وحناجرَ للمغالطات ، وترديد أناشيد ببغاواتِ الفساد ، وفيْح فوّهات تنانير التزلف ، التي تلفظ حِممها نارا ملتهبة تفوح بانْتَنِ انواع الكذب والتضليل — يصعب علي وأنا في سباق مع هؤلاء حتى لا يضللونكم هذه المرة على الأقل — أن أرتب أولوياتي وانتقي عباراتي ، وألتمس منكم العذر في ذالك.

سيدي الرئيس إن ما صاحب زياراتكم الأخيرة داخل الوطن، من ظهور لهؤلاء الحربائيين و بأساليب مبتكرة جديدة من التزلف والنفاق والتطبيل ، جعلنا لا نطمئن على مخرجات هذه الزيارات، خصوصا بعد تحكمهم في جميع محطاتها ليطبعوها بأوقح الأساليب البائدة، من حشد قبلي، وتنقل جماعي لكافة من يسموهم ب ” الأطر والفاعلين و الوجهاء ” من مختلف موظفي قطاعات الدولة حتى العسكر، لتتعطل جميع خدمات المواطنين المرتبطة بمرافق هؤلاء الذين تفرغوا للمشاركة في سباق محموم ، في مبادرات لإستقبالكم انفقوا فيها المال العمومي بسخاء ودون حساب، ويعملون على تضليلكم بكل انواع الخطاب، يصاحبهم في ذالك الإعلام الرسمي وشبه الرسمي المسموع منه والمرئي والمكتوب ،ليتشارك الجميع في رسم لوحة رخاء مزيف بأبهى الألوان ، مستخفّين بمشاعر شعب مسالم ، بالتمثيل بواقع يوميات حياته وقلب الحقائق المرتبطة بها من بؤس وشقاء إلى نعيم مزيف ورخاء، بعد ان اوهموه أن السراب نهر جار، و أن البلاد تحولت إلى جنات عدن الخلود فيها مضمون.

سيدي الرئيس ، إننا في ولاية لعصابه واستبقا لزيارتكم المرتقبة، نطالبكم بإصدار تعليماتكم السامية إلى هؤلاء بالبقاء في أماكن عملهم ليبقى — على الأقل — أهلنا في لعصابه ينعمون في ظل زيارتكم بسلمهم الأهلي، وتعايشهم و تآلفهم الذي عهدوه بعيدا عن ما سيحييه حضور هؤلاء من تجييش، واصطفاف و إحياء لجميع النعرات ، و ان تمنعو الإعلام من مواكبتكم وإن كان لابد من حضوره ، ان تلزموه بأن يميز بين تغطية زيارات العمل والإتصال بالمواطنين للإطلاع على أحوالهم و زيارات الحملات الدعائية في المواسم الإنتخابية.

سيدي الرئيس ، تعتبر ولاية لعصابه من أهم الجيوب الرعوية في البلاد ، و إليها يلجأ الجميع في أوقات الشدة، و ذالك لشساعة مراعيها ، وانفتاحها على المتنفس الجنوبي الخصب في جمهورية مالي . ونظرا لقلة الأمطار هذه السنة مما أثر سلبا على حجم المراعي وكمّ ونوع المحاصيل الزراعية، و نظرا لما تعيشه الجارة مالي من أوضاع مضطربة ، فإن الوضع الرعوي في الولاية يتطلب تدخلا عاجلا لتلافي الثروة الحيوانية قبل فوات الأوان.

سيدي الرئيس إن الوضع الغذائي بالولاية ليس بأحسن حال هو الآخر حيث المجاعة تهدد بعض انحاء الولاية ، خصوصا منها تلك التي لا يعتمد ساكنتها على أي نشاط ، ولا تصلهم أي مساعدات، و يُعزز هذه الوضعية هشاشةً ، تفشي البطالة و غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية لدى الجميع.

إن مشكل مياه الشرب بولاية لعصابه يظل مطروحا وبإلحاح ، حيث تنعدم شبكات المياه في الكثير من النواحي ، ويتعطل الكثير منها لإهمال أعمال الصيانة ، وتنضب مصادر المتبقي منها نتيجة عدم دراسة جدوائية إقامته أصلا.

هذا عن وضعية الماء في الولاية عموما . أما عن مدينة كيفه ، فوضعية العطش بها لا يمكن وصفها بأقل من الكارثية ، فمنسوب إنتاج الآبار المغذية لشبكة المدينة في تراجع دائم ، ولا أمل في الأفق القريب برفعه قبل فترة الذروة في عطش المدينة ، (اشهر : مايو و يونيو و يوليو) ، وخصوصا بعد تحول حلم إستجلاب مياه النهر إلى حديث من أحاديث الجدات لتنويم الأطفال الجياع.

سيدي الرئيس ، تعوّد المواطن في كيفه أن اشهُرَ: (ابريل — مايو — يونيو — يوليو ) هي فصل كامل من العجز في التموين بالكهرباء وتتالي الإنقطاعات ، الآن ونحن في بداية هذا الفصل و بعد شهر صيام ساخن صرّح فيه القائمون على الشركة بوصول هذا العجز مستويات معتبرة لم يبذل أي جهد مقابل ذالك حتى الساعة لتسوية هذه الوضعية سوى إخراج جميع مولدات الدعم المستجلبة أخيرا عن الخدمة ونقل بعضها خارج المدينة ،الأمر الذي فاقم و عجَّل ظهور العجز هذه السنة حيث بدأت من الآن الإنقطاعات المتكررة للتيار.

سيدي الرئيس ، إن البدايات المتعثرة والإنطلاقة الخجولة و سير العملية الفاتر و توقف الأعمال حتى الآن وكل الظروف المتعلقة بالتخطيط العمراني لمدينة كيفه ، أمور جعلت هذا المشروع المهم في مهب رياح الإهمال والفساد والفشل ،و ولدت الكثير من التساؤلات المرتبطة بالموضوع أهمها:

هل وتيرة وحجم الأعمال المنجزة والوسائل المستخدمة يناسب حجم التمويلات المعلن عن رصدها للمشروع؟

هل تم تجهيز مناطق الإيواء والترحيل المرتبطة بالمشروع؟

هل وضعت آلية مدروسة لتحديد المستفيدين من التعويض و الإيواء تفاديا لمايواكب هذه العملية من إستلاء ونهب لمناطق الترحيل ؟

إننا في كيفه نرجو ان لا يكون تخطيط مديتنا مجرد فتح لمجال صرف وتبرير التمويلات وان لا يعلَّق مخططه إلى جانب صحيفة بني قريظة.

سيدي الرئيس ، مدينة كيفه ثاني مدينة بعد العاصمة انواكشوط من حيث الكثافة السكانية، فلم يعد من الوارد بقاؤها إداريا مقاطعة واحدة فيستحيل تسييرها من طرف حاكم واحد كما لا يمكن تأمينها بمفوضية واحدة للشرطة محدودة الأفراد و الوسائل ، مقابل تفشي انواع الجريمة وتطورها؟

لماذا حرمان كيفه من وحدات من أمن الطرق ، بعد صرف الشرطة عن مهامهم الأصلية إلى مهمة التحصيل والجباية لسد الفراغ بالطرقات العامة الذي لاحظه مجانين المدينة وحاولوا ملأه جاعلين من انفسهم شرطة مرور ؟

متى سيتم تفعيل قرار منع إنتاج وبيع الفحم ومنع إستخدام اكياس لبلاستيك و نزع المحميات الرعوية والاقطاعية التي أصبحت تغزو مشارف المدن وتقام على نقاط المياه في الأودية والمستنقعات؟

كيف سيتمكن المواطن في لعصابه من إقتفاء أثر تمويلات عشرات المشاريع الموجهة إليه والتي لم ير منها سوى لافتاتها التعريفية على مشارف المدن ومقراتها المهجورة؟

أين هي صناديق القرض الرعوي والفلاحي التي يمكن أن يستفيد منها مواطنوا لعصابه؟

ماذا عن إستصلاح أمسيلت كيفه وهل تم التفكير جديا في مشاريع من هذا القبيل؟

متى سيتم حصر وإبراز ما تزخر به الولاية من مقدرات ثقافية وسياحية لتحتل مكانتها اللائقة بها في هذا المجال ؟

لماذا لا يتم وضع اليد على المتبقي من أملاك الدولة العقارية بكيفه ،بعد أن استحوذ الخواص على اكبرها قيمة ، و ذالك لإستخدامها لإيواء مرافق الدولة التي يوجد أكثر مصالحها الجهوية في حالة تشرد بمقرات مؤجرة ؟

متى ستُعطَى بعض القطاعات طابع الجدية في مزاولة أعمالها بجعلها في ظروف تمكنها من ذالك ؟

واعطي هنا مثالا بمندوبية التجارة في لعصابه والمنوط بها مهمة رقابة الأسعار و جودة المواد وصلاحياتها … إلخ في الولاية عموما و تمثلها سيدة واحدة بدون طاقم فكيف يطلب منها رقابة هذا العمل في 26 بلدية مترامية الأطراف ؟

وكيف يمكن لمفتش تعليم مقاطعي لا يمتلك وسيلة نقل، أن يشرف ويؤطر ويوجه عشرات المعلمين التابعين لمقاطعته؟

متى ستحظى ولاية لعصابه في إطار اللامركزية ببناء جامعة اومعهد او مصنع ….إلخ ؟

لماذا لا يتم تحويل تجمعات كبرى بولاية لعصابه ، من عواصم بلديات ريفية إلي مقاطعات، واستحداث بلديات جديدة على غرار ما حصل مؤخرا في بعض الولايات ؟

لماذا لا يقتنع الكثير من أخصائيي مركز إستطباب كيفه ، بالإقامة بالمدينة رغم تحويلهم رسميا إليها، حتى أصبح بعضهم يستقبل فحوص مرضاه وصور أشعتهم على الواتساب في انواكشوط ؟

متى ستختفي ظاهرة الطوابير المشينة والمهينةو المذلة التي يعيشها المواطن في كيفه ،فمن طابور التآزر إلى طابور دكان أمل إلى طابور دكان السمك إلى طوابير الوهم التي لاتنتهي ؟

متى سيتم اختفاء بعض الممارسات المميتة في النقل العمومي، كالخلط بين البشر والدواب وأكياس السم و المبيدات والسكر والأرز في مقطورة واحدة ؟

متى سيعاد فتح الخط الجوي بين كيفه وانواكشوط، لمساعدة المرضى والعجزة وكبار السن في التنقل في ظروف مناسبة ؟

وقبل الختام سيدي الرئيس فإننا في ولاية لعصابه عموما ومدينة كيفه خصوصا، لا يمكن ان نجد تفسيرا للإرتفاع غير المبرر في المادة الإستهلاكية الأولى لدى المواطن والوحيدة التي لايستوردها الوطن وهي اللحوم.

كما لا يمكن ان نجد تفسيرا لتردي الخدمات الصحية ومرور الأخطاء الطبية القاتلة دون محاسبة، والتغاضي عن صيانة المؤسسات التعليمية التي اصبح اغلبها يشكل خطرا على مرتاديه من تلاميذ ومدرسين ،كما هو حال المرسة رقم1 بكيفه التي تلقيتم بها تعليمكم الإبتدائي.

سيدي الرئيس إننا لا نجد تفسيرا في كيفه لتخلي جميع المصالح الجهوية عن القيام بمهامها حتى اصبح المواطن لا يعرف أماكن مكاتب أغالبها ويعرض صفحا عن طَرْق ابواب ما يعرفه منها.

سيدي الرئيس من المسؤول في كيفه عن تنظيم السوق المركزي وتخليصه من اكوام القمامة المتراكمة فيه؟

سيدي الرئيس من المسؤول في كيفه عن إختيار أماكن إقامة بعض المرافق العمومية الهامة كدار الصناعة التقليدية و سوق الحيوان، هذه المرافق وغيرها التي أهدر المال العام في بنائها، ولم تُستغل يوما واحدا لسوء اختيار موقعها؟

سيدي الرئيس من المسؤول في كيفه عن صيانة النزر القليل من الطرق الداخلية او على الأقل ردم حفرها وتذليل مَطَباتها؟

وطلبنا الأخير لكم سيدي الرئيس هو أن لا تزوروا أي مؤسسة او مرفق عمومي تم اقتراحه لكم وتوجيهكم إليه من طرف ابرتكول الزيارة لسبب بسيط هو أن هذا المقر أُعِدّ خِصِّيصا بمناسبة مقدمكم وأُخْرِج في أبهى حلة لتضليلكم عن واقع نظيره في الجهة الأخرى الذي يعكس الواقع الحقيقي لما يعيشه. المواطن.

النهاه ولد احمدو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى