تعتبر قرية معطى مولانا، الواقعة في قلب منطقة العقل، بولاية اترارزة، منارة علم ودعوة وتصوف، وقد تأسست هذه القلعة العلمية الشامخة، في خمسينات القرن الماضي، على يد مؤسسها الشيخ الجليل محمد المـشـري بن عبد الله بن الحاج العلوي رحمه الله، ومنذ ذلك التاريخ، والقائمون على القرية يبذلون الغالي والنفيس، خدمة للدين والوطن، فخرجت كتاتيبها آلاف الحفاظ لكتاب الله العزيز، – منهم على سبيل المثال لا للحصر القارئ الشهير الناجي ولد بلال-، وصدرت محاظرها عشـرات العلماء، كما كان لمدارسها النظامية إسهامها العلمي، المتمثل في حصول العديد من أبناء القرية، على شهادات عليا، في الطب والهندسة والآداب، رغم هذا العطاء العلمي الزاخر، والكثافة السكانية البارزة، حوالي ثمانية آلاف نسمة تمثل النسيج الاجتماعي الموريتاني (قبليا وعرقيا)، وتسجيل ما يناهز 2000 ناخب في مكاتب القرية، مع تسجيل العديد من أبنائها خارجها لارتباطهم بظروف العمل، لم يشفع لهذه المدينة التربوية، -كما يحلو للبعض تسميتها-، إشعاعها العلمي والمعرفي، ولا حتى كمّها السكاني بتنوعه ونخبويته، حُرمت مدينة معطى مولانا التربوية من المشاريع التنموية الكبرى ، فلا الماء ولا الكهرباء ساهمت الدولة في توفيرهما لمواطنيها في هذه البقعة المباركة، ولا الطريق الرملية الوعرة المؤدية إليها عبّدت لفك العزلة عنها، ولا النخب العلمية والأدبية والفنية المنتمية للقرية استفادت من التعيينات أو حتى الترقيات في ظل الحكومات المتعاقبة على القصر الرمادي، فباستثناء تعيين الشهيد الشيخ التجاني بن محمد المختار رحمه الله، حاكما في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، لا أعتقد أن أيا من أبناء القرية وأطرها الكثر نال تكليفا أو تشـريفا من طرف ساستنا الأفاضل، وأنتهز هذه السانحة لأذكر صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني بدور قرية معطى التربوي والمعرفي، وهو سليل حضـرة صوفية تربوية، تميزه عن غيره من ساسة البلد لينزل الناس منازلها، وينهي حيرتنا ويجيب على سؤالنا، ويعطي لقريتنا معطى مولانا مكانتها المسلوبة، واعتبارها اللائق.
دقيقة واحدة