
تُعد العاصمة الاقتصادية للبلد الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد الوطني بشقيه الثروة السمكية والمعدنية غير أنها تُعتبر كغيرها من مدن الشمال والعاصمة السياسية ملاذا للتجاذبات السياسية بحكم نموذجها “الديموغرافي” الفريد الذي بدأ ينمو مع استواء التجربة الديمقراطية التي شهدها البلد في بدايات تسعينيات القرن الماضي .
هذه التجاذبات جعلت العاصمة الاقتصادية في منئا عن أحضان الأنظمة الرسمية المتعاقبة إلا أن محاولة جريئة من نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تمثلت في إعلان المدينة منطقة حرة في الـ2013 واحتضانها لفعاليات الاستقلال الوطني في 2015 شكلت بداية عودة خيوط الدفء بين العاصمة الاقتصادية والنظام وخاصة أن مشروع المنطقة الحرة وافق هوى لدى السكان الأصليين للمدينة وكذلك الوافدين الباحثين عن فرص الاستثمار والانطلاق نحو الرفاه .
لم يحسن الرئيس السابق محمد عبد العزيز إدارة خيوط التحالفات التي من شأنها إحداث اختراق قوي في المدينة الساحلية المتمردة وكان ذلك باديا في تسيير الحزب الحاكم في عهده حيث شكلت تعيينات قياداته الشعرة التي قصمت ظهر البعير بالإضافة إلى تراجع وتأخر الثمار المرجوة من مشروع المنطقة الحرة ليعود الوضع في عاصمة الاقتصاد إلى المربع الاول .
في ظل الرئيس الحالي محمد الشيخ الغزواني في مأموريته الأولى وبداية الثانية قطع الرجل أشواطا في تصحيح أخطاء سلفه حين صرح في مهرجان إعلان ترشحه للمأمورية الأولى أن المنطقة الحرة تم التسرع في إعلانها وأنها أخذت أكبر من حجمها (الحيز الجغرافي) داعيا لقصرها على المواني
كما حاول الرئيس محمد الشيخ الغزواني إعادة هيكلة مشروع المنطقة الحرة بل ذهب الرئيس غزواني إلى أبعد من ذلك في توجيه عائدات المنطقة الحرة إلى الإسهام في إحداث تنمية نوعية تتمثل في شبكات الطرق وبناء ميناء الأعماق ومطار بمواصفات دولية
غير أن محاولات الرئيس غزواني في تعزيز اختراقه للمدينة ارتطمت هي الأخرى بتحديات أبرزها الأداء السياسي وغياب الاستثمار الدعائي لقراراته ، حيث لا يزال الرجل يستخدم نفس العناصر الحزبية التي كانت بحوزة سلفه والتي خلقت نفس الاشكال السياسي مما جعل المدينة تعود مرة أخرى لذات التجاذبات السياسية .
في دعوة الرئيس محمد الشيخ الغزواني إلى بلورة خطة تنموية للعاصمة الاقتصادية تعزيز لمواصلته الخطوات في تحقيق اختراق نوعي من خلال الاتكاء على مشاريع من أبرزها وخاصة الشبكات الطرقية وتوسيع الميناء المعدني التابع للشركة الوطنية للصناعة والمناجم اسنيم والمجمع السكني ذي الطابع الاجتماعي الممول من ” تآزر” وبالإضافة إلى مشروع تحلية المياه بسعة 5000 متر مكعب .
إن حزمة مشاريع بهذا الحجم معززة بدعوة الرئيس محمد الشيخ الغزواني لتنمية العاصمة الاقتصادية كفيلة بإعادة الثقة والانسجام مع النظام إن رافقتها قرارات بنفس الحجم والقوة في قطاع الصيد العمود الفقري والذي يشهد تدهورا حزينا كسا حزنه عاصمتنا الاقتصادية وجعلها تهيم في كل اتجاه وتتشبث بكل نائق على أن يبقى الحل السحري في عاصمة الاقتصاد سياسي بالدرجة الأولى .
دون إغفال قرارات من قبيل العمل على خلق فرص عمل للشباب الذي دفعته البطالة للهجرة والتسكع على وسائل التواصل الاجتماعي ليبث آهاته وأناته عبرها ليجد خصوم النظام ضالتهم في خرجات فتية أبرياء أرادوا بحسن نية لفت الإنتباه لواقعهم .