المرآة الحقيقية للأمة المثالية تتمثل في وجه تعبيرها عن ثقافتها المدنية، وهذا المعيار وإن كنا لا نلقي له أي بال إلا أنه حاسم في نظرة الآخر لنا وفي ما نقدمه للزائر عن أنفسنا.
في كثير من الأحيان لا ينتظر الزائر الغوص في بواطن حياة الشعوب التي يزور أوطانها وإنما حينما يتجول في الشارع فإن نمط ووجه الحياة فيه يعكس له بجلاء باطنها والثقافة المدنية من إحدى تجلياتها سلوكنا في الشارع ومدى انضباطنا في التقيد بضوابط السير واحترام إشارات المرور نتجنب الفوضوية في استقلالنا لهذا الشارع.
وإن كان مفهوم الثقافة المدنية يشمل الكثير من الأشياء لكننا نشير هنا لأبسطها لأن من يحترم البسيط لن يتجاوز نحو الأكثر علوا في مراتب المدنية.
واقع الشارع اليوم مزري في مظهره العام وفي هذا السياق حدث ولا حرج ؛ لأن المرور وما يكتنفه من شوائب ومبيقات التجاوز الخطير واللامعقول لحد الجنون ضحاياه كثر وفي مجمله يمر وكأن الأمر اعتيادي مهما بلغت فداحته ولو وصل زهق الأرواح.
وهذا لا يقبل إلا في هذا الفضاء الترابي الذي يشكل استثناءا فريدا، الأرض الغريبة هذه لا تنبت في هذا السياق إلا واقعا أكثر تأزما في مستقبل دهره، وهذه الصورة القاتمة والتي تفجع مع الأسف هي من تفرض نفسها، وبالتالي بات من واجب السلطات العمومية أن تجند الوسائل لمحاربتها والقضاء عليها لأن السيل كما يقولون قد بلغ الزبى، وهذا أمر يخفف من قتامة الصورة ويفتح بارقة أمل تثلج الصدر وتفتح ضوءا في غياهب النفق المظلم الذي نحن فيه الآن، فيما يخص واقع المرور في مدينة تعتبر واجهة البلاد العصرية، وهي التي تلقي بظلالها على هذه الواجهة وتصبغها بقبح فاحش ووضع مقزز.
فعلى السلطات أن تنتبه لهذا الوضع وهي على حق في ما تقوم به من إجراءات صارمة لتغيير الصورة الى وضع أفضل يليق بمدينة تمثل وجه البلاد.
ومن واجبنا جميعا الانخراط بكل قوة في هذا المجهود لكي نعمل في أسرع وقت على قلب الصورة.
هذا واجب وطني وديني وأخلاقي لا مناص منه إذ لم يعد من المقبول أن يتطور العالم وتتحسن صورة مدنه ليس فقط العواصم وإنما كل مدنه ونحن نقبع في هذا الواقع المزري.
إننا نأخذ على يد السلطات العمومية في حملتها هذه ونطالب بالتعبئة والتعاون كل من جانبه لتغيير هذا الواقع الجهنمي والفريد في عالم اليوم.
دقيقة واحدة