أنا أول من يؤمن بقدرة الريئس غزواني, علي جعل موريتانيا بين مصاف الدول المتقدمة لا يراودني أدنى شك في ذالك كما يمتلك من النوايا الطيبة ومن الرغبة والعزيمة ودافعت عن هذا المبدأ بكل قوة ,وما يكفي لاخذ ما قاله في حوارته الاعلامية ( وقبلها في العديد من اللقاءات ) على محمل التصديق والجد (أن جميع الشعب الموريتاتي سيستفيد من ثروة بلاده ولن يبقي احد علي جادة الطريق ,لكن ذلك بالطبع لا يكفي لتطمين الناس على ان عجلة الاصلاح تحركت فعلا، ولا على ان اوضاعهم الاقتصادية ستتعافى وتتحسن باقرب وقت، المشكلة ليست في الرئيس وانما في عوامل أخري عديدة «اخرى جربها الموريتانيين على مدى السنوات الماضية، وهي اقرب ما تكون الى الاشباح التي تتحرك بعكس الاتجاه وتصر على ابقاء الوضع على ما هو عليه ، الامر الذي يجعل مهمة الرئيس اصعب مما نتصور،لانه لم يجد ظهيرا سياسيا قويا مقرب اجتماعيا أوسياسيا. اومن كافة اطراف المجتمع.
لا يوجد افق قريب لتطويق هذه السألة وحلها نظرا لقرب خوض الانتخابات الرئاسية ،في هذا السياق ثلاث «وصفات» نحاول ان نصرفها من صيدلية «السياسة»، الاولى وصفة تشخيص صريحة ومباشرة لوضع البلد وما حدث على مدى السنوات الماضية، من اجل «استعادة الثقة» بالدولة ومؤسساتها وادائها،والوصفة الثانية « اعادة الامل « من خلال تحسين صورة الحكومة (وزيرها الاول : بشكل ادق) واشهار رزمة من الوعود والضمانات، وخاصة لقطاع الشباب الذي يشكل اكثر من نصف المجتمع، اما الوصفة الثالثة فهي احياء الهمة الوطنية بالمزاوجة بين حلول الاقتصاد والسياسة،.
هنا امام الحكومة مهمتان يجب أن تتحرك باتجاههما في أسرع وقت ممكن، الاولى- اعادة الهيبة للقانون وللدولة، والثانية- اعادة العافية للمجتمع، على صعيد المهمة الاولى، يمكن ان نستطرد في اثبات الضرورات الواجبة لتحقيق ذلك، ابتداءً من الاحتكام لموازين العدالة الى ترسيخ استقلالية المؤسسات الى بناء منظومة للنزاهة الوطنية في التوظيف من اجل توازنات سياسية مقبولة جهويا .. وصولاً الى مراجعة وصفة الاصلاح والتوافق على مشروع سياسي يتناغم مع استحقاقات المقبلة العامة للبلاد,ورغبات وتطلعات الناس، خاصة بعد ان اختبرنا وصفة الاصلاح الاخيرة وثبت لنا بأن افرازاتها لم تكن كما توقع مصمموها..وبأنها – بالتالي – لم تسعفنا في الخروج من الازمة التي يعاني منها بلدنا.
على صعيد اعادة العافية للمجتمع ايضاً يمكن التذكير بأن هذه المهمة تحتاج اولاً الى الخروج من حالة «الانكار» التي ما تزال نتعامل بها مع امراضنا الاقتصادية والاجتماعية، وتحتاج ثانياً الى اجراء محاسبات لكل من اخطأ بحق الناس او تجرأ على المال العام ثم اجراء مصالحات داخل مجتمعنا تنهي حالة الانقسام، وتحرر الناس من اوهام الصراع والتنابذ، وتجرّم العبث في نواميسنا الاجتماعية والوطنية..
لن يستطيع الريئس وحده ان ينجز هذه المهمة، وهنا تحديدا، اتساءل : ما الذي يمنع الحكماء في بلدنا من الجلوس على طاولة الحوار مع الحكومة (الدولة ان شئت) لطرح اي مبادرة تساعد الحكومة ، وما الذي يمنع هؤلاء من التوافق على خطة للخروج من الأزمات التي تطاردنا، ولماذا آثر البعض الهروب او الاختفاء او الانشغال فيما الناس ينتطرونهم لمعرفة ما يجري وفهم ما يمكن أن يحدث، أو لتبديد حالة اليأس التي اصابتهم، او لتحديد تجاه البوصلة نحو المصلحة الوطنية التي لا يختلف عليها إلا الذين اخذتهم حساباتهم الى مناطق أخرى لا علاقة لها بالبلد ولا بأهله.
إن ضربات استباقية فورية ضد الفساد لابد أن تتواصل، الواحدة تلو الاخرى، تقوم بها الدولة على يد أذرعها المتخصصة لمكافحة الفساد والمفسدين.. نعم، ضربة سريعة تم تصويبها لمعقل الجهاز المركزي للمناقصات العامة جاءت من هيئة «مفتشية الدولة » تمثلت بإلغاء بعض الصفقات
وبإحالة أحد أعضائها السابقين في مجلس ادارتها الى النيابة العامة لشبهة جريمة «الرشوة» والإضرار المتعمد بالمال العام.. وهذا الإجراء يدل على عدم التسامح حتى مع «الشبهة» ان ثبت انها تمس الأموال العامة، اعتقد، بل وربما أستطيع ان اجزم ان من يقوم بالفساد في هذه الحكومة كان من رحم العشرية السوداء .
فمهمتنا جميعا هي مهمة الريئس وهي رقي وتقدم موريتانيا وانصاف الجميع.